يمكنني أن أقول أن هذا الموضوع تم إثارته مرارًا وتكرارًا على مدار أكثر من 10 سنوات في شتّى بقاع الوطن العربي أكثر من عدد ندوات الجامعة العربية بأكملها على مدار نفس السنوات العشر.. ومع ذلك لا مجيب، إنها قضية البرمجيات المفتوحة المصدر وتبنيها على المستوى العربي.
كتبتُ مقالًا بسيطًا من قبل عن المستخدم العربي للبرمجيات الحرة وثقافة الاستغلال، وكيف أن الجزء الأكبر من المشكلة يقع على عاتق المستخدمين، خاصةً أن المستخدم العربي متعود على ثقافة "المجاني"، فهو يريد أن يأخذ كل شيء مجانًا حتى لو كان ثمنه 5 قروش كون البيئة العربية هي بيئة تشجع على قرصنة البرمجيات ولا تعتبرها أمرًا تستحق الدفع مقابلها، رغم أن مجال البرمجيات في الواقع لا يقل أهميةً عن مجالات أخرى كالطب والهندسة. كما أن المستخدم العربي "يأخذ ويمشي" دون أي مساهمة بالتطبيق أو المشروع الذي استفاد منه في مخالفة واضحة لثقافة البرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر.
لنعد الآن لنقطة تبني البرمجيات المفتوحة عربيًا ومسألة تبني الدول.. لماذا يجب على الجهات الحكومية والخاصة وأي مؤسسة ومشروع أن تعمل على تبني هذه الثقافة؟ الأسباب كثيرة وهناك عشرات المقالات حول الموضوع ولكن كخلاصة:
مالذي يمنع صدقًا أن تقوم دولة عربية مثلًا بتبني أحد التوزيعات العربية كأعجوبة، دعمها وتوفير الدعم اللازم لها، عمل شراكات مع مجموعة شركات تقنية مثل Dell أو غيرها من الشركات المحلية لتصنيع حواسيب محمولة تكون أعجوبة مثبتة عليها افتراضيًا؟ المناهج السعودية في الواقع لديها فصل كامل يتحدث عن توزيعة أعجوبة، ولكن توزيعة أعجوبة ليست مدعومة من طرف أي جهة حكومية سعودية، تخيل الآن لو توقف تطوير أعجوبة، فإن المنهاج السعودي سيكون به فصل كامل لا قيمة له لأنه يشرح مكونات توزيعة ميتة، للأسف حتى عندما نسعى بالاتجاه الصحيح، لا نسعى إليه بالشكل الصحيح..
لماذا نقول هذا الكلام؟ لأن قضية البرمجيات هي قضية أساسية، قضية البرمجيات يجب أن تكون قضية جوهرية تسعى الحكومات لاختيار أفضل الحلول الممكنة لإدارتها وتوفير أقصى ما يمكن من الأموال بدلًا من تبذيرها، لا يمكن لأي دولة تحترم سيادتها أن تستخدم برمجياتٍ مغلقة من صناعة دول لها مصلحة كبيرة بالتجسس عليها وإبقاءها عميلة لخدماتها ومنتجاتها. لدينا مشاريع عربية، لدينا برامج عربية بالعشرات، لدينا مبرمجون ومطورون عرب، كل ما نحتاجه هو جهة مسؤولة واحدة تأخذ زمام المبادرة وتوحد هذه الطاقات في كيانٍ واحد لتبدأ العمل على تبني هذه الثقافة على المستوى العربي والمحلي
فها هي الدول الأجنبية تنتقل الواحدة تلو الأخرى للبرمجيات الحرة لِمَا تعرفه من أهميتها:
يحزّ في قلبي حقًا أن أرى وضع البرمجيات المفتوحة على المستوى العربي يتراجع عوضًا عن أن يتطور، قبل 5 سنوات عندما تعرفت على البرمجيات الحرة، كانت المشاريع التقنية المفتوحة العربية في أوج ازدهارها وتطورها، كان هناك عشرات الأشخاص المهتمين والكثير من المبرمجين والمواقع والمدونات التي تتحدث عن الموضوع، للأسف اليوم لم يعد هناك أحدٌ يهتم بهذه الأمور في ظل ما تعيشه المنطقة العربية من تغيرات، رغم أننا بحاجة حقًا إلى تبني ثقافة المصدر المفتوح اليوم قبل الغد.
على الهامش: مالحل برأيكم لهذه المعضلة؟ كيف يمكننا الارتقاء بثقافة المصدر المفتوح عربيًا؟ مالحلول التي يمكننا استخدامها في ظل رفض المستخدم العربي للدفع لقاء البرمجيات أو المنتجات التقنية؟ هل إنشاء شركة عربية للبرمجيات المفتوحة مثل ريدهات يمكن أن بداية الحل - ربما - ؟ شاركونا آرائكم.
كتبتُ مقالًا بسيطًا من قبل عن المستخدم العربي للبرمجيات الحرة وثقافة الاستغلال، وكيف أن الجزء الأكبر من المشكلة يقع على عاتق المستخدمين، خاصةً أن المستخدم العربي متعود على ثقافة "المجاني"، فهو يريد أن يأخذ كل شيء مجانًا حتى لو كان ثمنه 5 قروش كون البيئة العربية هي بيئة تشجع على قرصنة البرمجيات ولا تعتبرها أمرًا تستحق الدفع مقابلها، رغم أن مجال البرمجيات في الواقع لا يقل أهميةً عن مجالات أخرى كالطب والهندسة. كما أن المستخدم العربي "يأخذ ويمشي" دون أي مساهمة بالتطبيق أو المشروع الذي استفاد منه في مخالفة واضحة لثقافة البرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر.
لنعد الآن لنقطة تبني البرمجيات المفتوحة عربيًا ومسألة تبني الدول.. لماذا يجب على الجهات الحكومية والخاصة وأي مؤسسة ومشروع أن تعمل على تبني هذه الثقافة؟ الأسباب كثيرة وهناك عشرات المقالات حول الموضوع ولكن كخلاصة:
- التكلفة: في غالب الأحوال، البرمجيات المفتوحة المصدر مجانية بالكامل، مما يقلل تكلفة استخدام هذه البرمجيات سواء كانت في القطاع الحكومي والخاص، فلن تحتاج لدفع 199$ ثمن نسخة ويندوز ومايكروسوفت أوفيس. البعض سيتحجج بمسألة الدعم الفني وأن البرمجيات الحرة تحتاج تدريب متخصصين للتعامل معها مما يرفع التكلفة.. ونقول أن هذه أيضًا ليست مشكلة فمسألة الدعم الفني موجودة حتى في البرمجيات المغلقة كما أن التكلفة لن تدفع في حالة البرمجيات الحرة سوى لأول مرة، بينما يتم دفعها بشكل سنوي في حالة تلك المغلقة.
- الكود المفتوح: يمكن للمؤسسات الحكومية أو القطاعات الخاصة أن توظف مبرمجين ليقوموا بتعديل التوزيعات والبرامج والتطبيقات طبقًا لاحتياجات هذه الدول والمؤسسات، في سويسرا مثلًا لديهم توزيعة خاصة بالمدارس الحكومية ولا مانع من تبني نفس الفكرة عربيًا، بما أن الكود مفتوح المصدر فقابلية التخصيص ستكون عالية.
- إنعاش سوق العمل التقني: قطاع البرمجيات شبه ميت في معظم الدول العربية (إن قارنته بالأجنبية) ولذلك فعندما يكون هناك عملية تحول لاستخدام البرمجيات المفتوحة، فهنا سيتم استخدام كافة المبرمجين والخبرات والمصممين والمدربين التقنيين للمساهمة بعملية التحول، مما يحدث "إنعاشًا" لقطاع البرمجيات سواء كان على مستوى الدولة أو على مستوى القطاع. وظائف جديدة سيتم خلقها وفرص عمل جديدة سيتم توفيرها.
- التخلص من التبعية للدول الأخرى على الصعيد التقني: من المهم جدًا لسيادة أي دولة وضمان تطورها ونموها واستقرارها واستقلالها أن يكون غذاءها، شرابها، لباسها ومواردها كلها من أرضها وتحت سيادتها لكي لا تكون مجرد تابع للدول الغربية، ومن المهم أيضًا أن يكون لها استقلالية تقنية، ليست بحاجة دومًا لجلب موظفين من الخارج أو تحميل برمجيات لا تعرف محتواها من الخارج لتستخدمها على أجهزتها الحساسة، طبعًا نحن مهما فعلنا فسنبقى نستخدم برمجياتهم، نواة لينكس ليست من صنع عربي، ولكن ليست هنا النقطة، النقطة هي أن الكود مفتوح، ونحن بإمكاننا أن نرى الكود ونعدله ليناسب احتياجاتنا الخاصة، على عكس تلك البرمجيات المغلقة التي ستبقى دومًا تحت إمرة الشركات الرأسمالية لتعرف ما يجري على أجهزة الدولة، دول مثل روسيا والصين طلبت من مايكروسوفت أن ترى الكود المصدري لنظام ويندوز لضمان عدم وجود أبواب خلفية لصالح الولايات المتحدة، وقد فعلت. عربيًا، لا يمكننا تطبيق مثل هكذا شيء، ولذلك فإن الحل يكون مع البرمجيات الحرة.
مالذي يمنع صدقًا أن تقوم دولة عربية مثلًا بتبني أحد التوزيعات العربية كأعجوبة، دعمها وتوفير الدعم اللازم لها، عمل شراكات مع مجموعة شركات تقنية مثل Dell أو غيرها من الشركات المحلية لتصنيع حواسيب محمولة تكون أعجوبة مثبتة عليها افتراضيًا؟ المناهج السعودية في الواقع لديها فصل كامل يتحدث عن توزيعة أعجوبة، ولكن توزيعة أعجوبة ليست مدعومة من طرف أي جهة حكومية سعودية، تخيل الآن لو توقف تطوير أعجوبة، فإن المنهاج السعودي سيكون به فصل كامل لا قيمة له لأنه يشرح مكونات توزيعة ميتة، للأسف حتى عندما نسعى بالاتجاه الصحيح، لا نسعى إليه بالشكل الصحيح..
لماذا نقول هذا الكلام؟ لأن قضية البرمجيات هي قضية أساسية، قضية البرمجيات يجب أن تكون قضية جوهرية تسعى الحكومات لاختيار أفضل الحلول الممكنة لإدارتها وتوفير أقصى ما يمكن من الأموال بدلًا من تبذيرها، لا يمكن لأي دولة تحترم سيادتها أن تستخدم برمجياتٍ مغلقة من صناعة دول لها مصلحة كبيرة بالتجسس عليها وإبقاءها عميلة لخدماتها ومنتجاتها. لدينا مشاريع عربية، لدينا برامج عربية بالعشرات، لدينا مبرمجون ومطورون عرب، كل ما نحتاجه هو جهة مسؤولة واحدة تأخذ زمام المبادرة وتوحد هذه الطاقات في كيانٍ واحد لتبدأ العمل على تبني هذه الثقافة على المستوى العربي والمحلي
فها هي الدول الأجنبية تنتقل الواحدة تلو الأخرى للبرمجيات الحرة لِمَا تعرفه من أهميتها:
يحزّ في قلبي حقًا أن أرى وضع البرمجيات المفتوحة على المستوى العربي يتراجع عوضًا عن أن يتطور، قبل 5 سنوات عندما تعرفت على البرمجيات الحرة، كانت المشاريع التقنية المفتوحة العربية في أوج ازدهارها وتطورها، كان هناك عشرات الأشخاص المهتمين والكثير من المبرمجين والمواقع والمدونات التي تتحدث عن الموضوع، للأسف اليوم لم يعد هناك أحدٌ يهتم بهذه الأمور في ظل ما تعيشه المنطقة العربية من تغيرات، رغم أننا بحاجة حقًا إلى تبني ثقافة المصدر المفتوح اليوم قبل الغد.
على الهامش: مالحل برأيكم لهذه المعضلة؟ كيف يمكننا الارتقاء بثقافة المصدر المفتوح عربيًا؟ مالحلول التي يمكننا استخدامها في ظل رفض المستخدم العربي للدفع لقاء البرمجيات أو المنتجات التقنية؟ هل إنشاء شركة عربية للبرمجيات المفتوحة مثل ريدهات يمكن أن بداية الحل - ربما - ؟ شاركونا آرائكم.
0 التعليقات: